فصل: (سورة الصافات: الآيات 11- 19):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- الواو في هذا التركيب:
مذهب سيبويه والخليل في مثل {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى} أن الواو الثانية وما بعدها عواطف وغير الخليل وسيبويه يذهب إلى أنها حروف قسم، فوقوع الفاء في {والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا} موقع الواو والمعنى واحد إلا أن ما تزيده الفاء من ترتيبها دليل واضح على أن الواو الواقعة في مثل هذا السياق للعطف لا للقسم.
2- معنى القسم:
اختلف الناس في المقسم به والراجح هو أن المقسم به هذه الأشياء لظاهر اللفظ فالعدول عنه خلاف الدليل وأما النهي عن الحلف بغير اللّه فهو نهي للمخلوق عن ذلك، والقول الثاني أن المقسم به هو رب هذه الأشياء لنهيه صلى اللّه عليه وسلم عن الحلف بغير اللّه تعالى فلابد من إضمار كلمة {رب} وتقدير الكلام ورب الصافات صفا إلخ وعلى كل حال ففي هذا القسم تنويه بهذه الأشياء وتعظيم لها وسيرد المزيد من هذا الحديث.
3- في إعراب {بزينة الكواكب}.
قال الشهاب الحلبي المعروف بالسمين: قوله: {بزينة الكواكب} قرأ أبو بكر بتنوين {زينة} ونصب {الكواكب} وفيه وجهان أحدهما أن تكون الزينة مصدرا وفاعله محذوف تقديره بأن زين اللّه الكواكب في كونها مضيئة حسنة في أنفسها، والثاني أن الزينة اسم لما يزان به كالليقة لما تلاق به الدواة فتكون الكواكب على هذا منصوبة بإضمار أعني أو تكون بدلا من سماء الدنيا بدل اشتمال أي كواكبها أو من محل بزينة، وحمزة وحفص كذلك إلا أنهما خفضا الكواكب على أن يراد بزينة ما يزان به والكواكب بدل أو بيان للزينة والباقون بإضافة زينة إلى الكواكب وهي تحتمل ثلاثة أوجه أحدها أن تكون إضافة أعم إلى أخص فتكون للبيان نحو ثوب خز والثاني أنها مصدر مضاف لفاعله أي بأن زينت الكواكب السماء بضوئها والثالث أنه مضاف لمفعوله أي بأن زينها اللّه بأن جعلها مشرقة مضيئة في نفسها.
4- إعراب جملة {لا يسمعون}.
أفاض المعربون والمفسرون والنحاة في إعراب هذه الجملة، ونورد هنا مختارات من أقوال المشهورين منهم ونبدأ بالزمخشري: فإن قلت لا يسمعون كيف اتصل بما قبله؟ قلت: لا يخلو من أن يتصل بما قبله على أن يكون صفة لكل شيطان أو استئنافا فلا تصح الصفة لأن الحفظ من شياطين لا يسمعون ولا يتسمعون لا معنى له وكذلك الاستئناف لأن سائلا لو سأل: لم تحفظ من الشياطين فأجيب بأنهم لا يسمعون لم يستقم فبقي أن يكون كلاما منقطعا مبتدأ اقتصاصا لما عليه حال المسترقة للسمع وأنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة أو يتسمعوا وهم مقذوفون بالشهب مدحورون عن ذلك، إلا أن من أمهل حتى خطف خطفة واسترق استراقة فعندها تعاجله الهلكة باتباع الشهاب الثاقب ومضى الزمخشري في تقريره قائلا: فإن قلت: هل يصح قول من زعم أن أصله لئلا يسمعوا فحذف اللام كما حذفت في قولك جئتك أن تكرمني فبقي أن لا يسمعوا فحذفت أن وأهدر عملها كما في قول طرفة:
ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى ** وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي

قلت: كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده فأما اجتماعهما فمنكر من المنكرات على أن صون القرآن عن مثل هذا التعسف واجب.
وتعقبه ابن المنير صاحب الانتصاف فقال: كلا الوجهين مستقيم والجواب عن إشكاله الوارد على الوجه الأول أن عدم سماع الشيطان سببه الحفظ منه فحال الشيطان حال كونه محفوظا منه هي حاله حال كونه لا يسمع وإحدى الحالين لازمة للأخرى فلا مانع أن يجتمع الحفظ منه وكونه موصوفا بعدم السماع في حالة واحدة لا على أن عدم السماع ثابت قبل الحفظ بل معه وقسمه. ونظير هذه الآية قوله تعالى: {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره} فقوله: {مسخرات} حال مما تقدمه العامل فيه الفعل الذي هو سخر ومعناه مستقيم لأن تسخيرها يستلزم كونها مسخرة فالحال التي سخرت فيها هي الحال التي كانت فيها مسخرة لا على معنى تسخيرها مع كونها مسخرة قبل ذلك، وما أشار إليه الزمخشري في هذه الآية قريب من هذا التفسير إلا أنه ذكر معه تأويلا آخر كالمستشكل لهذا الوجه فجعل مسخرات جمع مسخر مصدر كممزّق وجعل المعنى وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر أنواعا من التسخير وفيما ذكرناه كفاية ومن هذا النمط: ثم أرسلنا رسلنا، وهم ما كانوا رسلا إلا بالإرسال وهؤلاء ما كانوا لا يسمعون إلا بالحفظ وأما الجواب على إشكاله الثاني فورود حذفين في مثل قوله تعالى: {يبين اللّه لكم أن تضلوا} وأصله لئلا تضلوا فحذف اللام ولا جميعا من محليهما.
وقال الشهاب الحلبي المعروف بالسمين: وهذه الجملة منقطعة عما قبلها في الإعراب ولا يجوز فيها أن تكون صفة لشيطان على المعنى إذ يصير التقدير من كل شيطان ما رد غير سامع أو مستمع وهو فاسد ولا يجوز أيضا أن يكون جوابا لسؤال سائل لم تحفظ من الشيطان إذ يفسد معنى ذلك وقال بعضهم: أصل الكلام لئلا يسمعوا فحذفت اللام وإن وارتفع الفعل وفيه تعسف، وقد وهم أبو البقاء فجوز أن تكون صفة وأن تكون حالا وأن تكون مستأنفة فالأولان ظاهرا الفساد والثالث إن عني به الاستئناف البياني فهو فاسد أيضا وإن أراد الانقطاع على ما قدمته فهو صحيح.
أما عبارة أبي البقاء التي شجبها السمين فهي:
قوله تعالى: {لا يسمعون} جمع على معنى كل وموضع الجملة جر على الصفة أو نصب على الحال أو مستأنف وعدّاه بإلى حملا على معنى يصفون.
أما ابن هشام فقد عقد في المغني تنبيها خاصا حول هذه الجملة فقال: من الاستئناف ما قد يخفى وله أمثلة كثيرة أحدها لا يسمعون من قوله تعالى: {وحفظا من كل شيطان ما رد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى} فإن الذي يتبادر إلى الذهن أنه صفة لكل شيطان أو حال منه وكل منهما باطل إذ لا معنى للحفظ من شيطان لا يسمع وإنما هي للاستئناف النحوي ولا يكون استئنافا بيانيا لفساد المعنى أيضا، وقبل يحتمل أن الأصل لئلا يسمعوا ثم حذفت اللام كما في جئتك أن تكرمني ثم حذفت أن فارتفع الفعل كما في قوله:
ألا أيها ذا الزاجري احضر الوغى

فحين رفع أحضر، واستضعف الزمخشري الجمع بين الحذفين، فإن قلت اجعلها حالا مقدرة أي وحفظا من كل شيطان مارد مقدرا عدم سماعه بعد الحفظ قلت الذي يقدر وجود معنى الحال هو صاحبها كالممرور به في قولك مررت برجل معه صقر صائدا به غدا أي مقيدا حال المرور به أن يصيد غدا، والشياطين لا يقدرون عدم السماع ولا يريدونه.
ملاحظة هامة:
الاستئناف قسمان: بياني ونحوي: أما البياني فهو ما كان جوابا لسؤال مقدر نحو قوله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون} فإن جملة القول الثانية جواب لسؤال مقدر تقديره فماذا قال لهم ولهذا فصلت عن الأولى فلم تعطف عليها، وأما النحاة فقالوا: هي المقتطعة عما قبلها سواء كانت جوابا عن سؤال أم لا، فالاستئناف عندهم أعم.
هذا وقد ردّ الدماميني على ابن هشام فقال: إذا كانت للاستئناف النحوي فيكون قد أخبر عن الشياطين المتحفظ منهم بعدم السماع وحينئذ يعود الإشكال بأنه كيف يتحفظ من شيطان لم يسمع في نفس الأمر، إذ المتحفظ منه من يسمع، فإن قلت: إن المراد لا يسمعون بعد الحفظ قلنا قدر ذلك في الصفة ويكون المعنى لا غبار عليه فما بالك قدرته في الاستئناف النحوي دون الصفة مع أن المعنى على كل حال ظاهر فهذا تحكم. وأجاب الشمني بأنه إخبار عن حال الشياطين لا يوصف كونه محفوظا منهم وفيه أنه لا يصح الإخبار عنهم بعدم السماع مع قطع النظر عن الحفظ لأنهم يحفظون في نفس الأمر وما إلى عدم السماع إلا من الحفظ وإلا لما كان للحفظ معنى.
والذي حدانا إلى إيراد هذه الأقوال ما فيها من رياضة ذهنية ولعل ابن المنير كفانا مئونة الرد على هذه الأقوال فارجع إليه وتمعن فيه فإنه قد أصاب المحز.
فرق دقيق:
قال الزمخشري: فإن قلت أي فرق بين سمعت فلانا يتحدث وسمعت إليه يتحدث، وسمعت حديثه والى حديثه؟ قلت: المعدى بنفسه يفيد الإدراك والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك.

.[سورة الصافات: الآيات 11- 19]:

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (11) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (18) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (19)}.

.اللغة:

{فَاسْتَفْتِهِمْ} فاستخبرهم يقال استفتى استفتاء العالم في مسألة: سأله أن يفتيه فيها والفتوى والفتوى والفتيا اسم من أفتى العالم إذا بيّن الحكم والجمع الفتاوي والفتاوى.
{لازِبٍ} لازم لاصق يقال لزب يلزب لزوبا من باب دخل: اشتد وثبت ولزب به: لصق ولزب يلزب لزبا من باب تعب ولزب يلزب لزبا ولزوبا من باب كرم الطين: لزق وصلب ولزب الشيء: دخل بعضه في بعض واللازم اسم فاعل الثابت يقال صار الأمر ضربة لازب أي صار لازما ثابتا وطين لازب يلزق باليد لاشتداده وفي المختار: تقول: صار الشيء لازبا أي ثابتا وهو أفصح من لازما.
وقال النابغة:
ولا تحسبون الخير لا شر بعده ** ولا تحسبون الشر ضربة لازب

{داخِرُونَ} صاغرون يقال دخر يدخر من باب فتح ودخر يدخر من باب تعب دخرا ودخورا أي ذل وصغر.

.الإعراب:

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنا} الفاء الفصيحة أي أن شئت أن تبكتهم وترد عليهم في أمر اثبات المعاد فاستفتهم لأن الفرق بيّن والبون بعيد بين المعاد وهو الأجزاء الأصلية كما سيأتي ولك أن تجعلها الفاء العاطفة المعقبة أي استفتهم عقب عدّ هذه الأشياء المذكورة آنفا. واستفتهم فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت والهاء مفعول به والهمزة للاستفهام وهم مبتدأ وأشد خبر وخلقا تمييز وأم حرف عطف وهي هنا متصلة عطفت من على هم وجملة خلقنا صلة الموصول.
{إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} إن واسمها وجملة خلقناهم خبر وخلقناهم فعل وفاعل ومفعول ومن طين جار ومجرور متعلقان بخلقناهم ولازب نعت لطين، وناهيك بهذا دليلا على ضعفهم وهو أن أمرهم وضآلة شأنهم وأن من كان بهذه المثابة لا يتأتى له أن يتكبر ويتطاول.
{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} بل حرف إضراب وعطف والمعطوف عليه مقدر دل عليه الاستفهام أي هم لا يقرون، وعجبت فعل وفاعل والخطاب للنبي والمتعلق محذوف أي من قدرة اللّه على هذه الخلائق العظيمة. وفي قراءة بضم التاء وإسناد العجب إلى اللّه تعالى محال لأن العجب روعة تعتري الإنسان عند استعظامه الشيء وذلك على اللّه تعالى محال ولكن الكلام جرى على طريق تخيل العجب وافتراضه على طريق المشاكلة وقد تقدمت لها أمثلة.
و الواو حالية وجملة {يسخرون} خبر لمبتدأ محذوف أي وهم يسخرون والجملة نصب على الحال.
{وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ} الواو عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة ذكروا في محل جر بإضافة الظرف إليها وذكروا بالبناء للمجهول والتشديد والواو نائب فاعل ولا نافية وجملة لا يذكرون لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم أي وديدنهم عدم الاتعاظ بشيء مهما يكن جديرا بالاعتبار.
{وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ} عطف على ما تقدم والمراد بالآية المعجزة التي تدعو إلى الإذعان ولكن هؤلاء لا تؤثر فيهم المعاجز ومعنى الاستسخار دعوة بعضهم لبعض بالسخرية أو أن زيادة السين والتاء لمجرد المبالغة في السخر.
{وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} الواو عاطفة وقالوا فعل وفاعل وإن نافية وهذا مبتدأ وإلا أداة حصر وسحر خبر هذا ومبين نعت أي ظاهر للعيان والجملة مقول القول.
{أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} الجملة مقول قول محذوف أيضا أي وقالوا منكرين للبعث، والهمزة للاستفهام الإنكاري وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة متنا في محل جر بإضافة الظرف إليها وكنا فعل ماض ناقص ونا اسمها وترابا خبرها وعظاما عطف على ترابا والهمزة للاستفهام الإنكاري أيضا وان واسمها واللام المزحلقة ومبعوثون خبرها.
{أَوَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} الهمزة للاستفهام والواو حرف عطف وآباؤنا معطوف على محل إن واسمها أو على الضمير في مبعوثون وإنما جاز العطف مع أن ما بعد همزة الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله أن الهمزة الثانية مؤكدة للأولى فهي في النية مقدمة فصحّ عمل ما قبلها فيما بعدها، ولك أن تعرب آباؤنا مبتدأ محذوف الخبر والتقدير أو آباؤنا يبعثون أيضا وقرئ أو بسكون الواو فهي حرف عطف وليس هناك همزة استفهام وفيما يلي تقرير السمين عن هذه الآية:
قوله: {أو آباؤنا} قرأ ابن عامر بسكون الواو على أنها أو العاطفة المقتضية للشك والباقون بفتحها على أنها همزة استفهام دخلت على واو العطف وهذا الخلاف جار أيضا في الواقعة وقد تقدم مثل هذا في الأعراف في قوله: {أو أمن أهل القرى} فمن فتح الواو أجاز في أو آبائنا وجهين أحدهما أن يكون معطوفا على محل أن واسمها والثاني أن يكون معطوفا على الضمير المستتر في لمبعوثون واستغنى بالفصل بهمزة الاستفهام ومن سكنها تعين فيه الأول دون الثاني على قول الجمهور لعدم الفاصل.
{قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ} فعل أمر وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت ونعم حرف جواب والواو للحال وأنتم مبتدأ وداخرون خبر والجملة نصب على الحال والعامل فيها نعم بالنظر لمعناها أي نعم تبعثون وأنتم داخرون.
{فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ} الفاء الفصيحة لأنها واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا كان ذلك فإنما، وإنما كافة ومكفوفة وهي مبتدأ وزجرة خبر وواحدة صفة وهي ضمير مبهم لأنه لا يرجع إلى شيء وإنما يوضحه خبره، وأجازوا أن تعود هي على البعثة المدلول عليها بسياق الكلام لما كانت بعثتهم ناشئة عن الزجرة جعلت إياها مجازا. والزجرة الصيحة المخيفة قال:
زجر أبي عروة السباع إذا أشفقن ** أن يختلطن بالغنم يريد تصويته بها

والفاء عاطفة وإذا فجائية وهم مبتدأ وجملة ينظرون خبر ومفعوله محذوف أي ينظرون ما يفعل بهم أو هي بمعنى ينظرون.

.[سورة الصافات: الآيات 20- 26]:

{وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (20) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (24) ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26)}.

.الإعراب:

{وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ} الواو استئنافية وقالوا فعل وفاعل ويا حرف تنبيه أو المنادى محذوف وويلنا مصدر لا فعل له من لفظه أو منادى وجملة النداء مقول قولهم وجملة هذا يوم الدين يحتمل أن تكون من تتمة مقولهم ويحتمل أن يتم الوقف على ويلنا والجملة مستأنفة فتكون من قول الملائكة لهم وهذا مبتدأ ويوم الدين خبره.
{هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} هذا مبتدأ ويوم الفصل خبر ويحتمل أن تكون الجملة من تتمة مقولهم ويكون قوله تكذبون التفاتا من التكلم إلى الخطاب والذي صفة ليوم وكنتم كان واسمها وبه متعلقان بتكذبون وجملة تكذبون خبر كنتم.
{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ} خطاب من اللّه تعالى للملائكة أو خطاب بعضهم لبعض. واحشروا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والذين مفعول به وجملة ظلموا صلة واسم الموصول عبارة عن المشركين ومفعول ظلموا محذوف تقديره أنفسهم وأزواجهم عطف على الموصول أو مفعول معه وما عطف أيضا أو مفعول معه وكان واسمها وجملة يعبدون خبرها.
{مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ} من دون اللّه جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال والفاء عاطفة واهدوهم فعل أمر وفاعل ومفعول به والى صراط الجحيم متعلقان باهدوهم.
{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} وقفوهم عطف على ما تقدم أي واحبسوهم عند الصراط وإن واسمها ومسؤولون خبرها والجملة تعليل للأمر.
{ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ} الجملة مقول قول محذوف أي ويقال توبيخا لهم. وما اسم استفهام مبتدأ ولكم خبر وجملة لا تناصرون حالية ولا نافية وتناصرون فعل مضارع حذفت إحدى تاءيه والأصل لا تتناصرون أي لا ينصر بعضكم بعضا.
{بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} بل حرف إضراب وعطف وهم مبتدأ واليوم ظرف متعلق بمستسلمون ومستسلمون خبر هم أي قد أسلم بعضهم بعضا وخذله عن عجز.